عرض المقال
ماسبيرو والقحط الثقافى
2013-02-26 الثلاثاء
وصلتنى عدة تعليقات على ما كتبته عن ضرورة الحفاظ على كنوز ماسبيرو التليفزيونية والاذاعية، وأهم ما وصلنى من رسائل هى رسالة الإعلامى القدير وجدى الحكيم، صاحب أشهر اللقاءات الإذاعية مع عبدالحليم وفريد الأطرش وعبدالوهاب وأم كلثوم وغيرهم من عمالقة الفن المصرى والعربى، وهو عضو الآن فى لجنة الحفاظ على مكتبة الإذاعة والتليفزيون، كتب لى شارحاً المعوقات التى تقابل اللجنة فى سبيل الحفاظ على هذا التراث من قِبل مسئولى التليفزيون الذين هم جزء أساسى من صعوبة الحفاظ على هذه الكنوز، مما يدل على أنهم غير مقتنعين أساساً ووزير الإعلام على رأسهم بجدوى هذا المنجم التليفزيونى والإذاعى؛ لأنه فى النهاية يحتوى على مشاعل تنوير، وللأسف الإخوان وتيار الإسلام السياسى هم أعداء التنوير، بل ويكفرون رموزه علناً وسراً، تقول الرسالة:
«نحجنا فى إنقاذ رصيد مصر الثقافى والفنى على أشرطة الريادة الإعلامية منذ الستينات، وما أدراك ما الستينات، بثرائها التليفزيونى والإذاعى الذى لا يرضى عنه حكام زماننا من أعداء الثقافة والفن بكل ما يضعونه من معوقات إدارية ومالية للحيلولة دون خروج هذا المشروع المهم إلى الوجود.. فما زال التنفيذ متوقفاً على الاعتماد المالى البسيط لتصنيع الأرفف الحديثة للمكتبة بمعرفة جهاز المشروعات الهندسية بالقوات المسلحة، الجهة الوحيدة القادرة على تنفيذ المواصفات الفنية الدقيقة فى مصر فى هذه المرحلة.. لكن المعوقات المالية والإدارية تقف سداً منيعاً ضد حماية التراث المصرى بمطالبات إدارية لإجراء مناقصات بعد أن قامت مصانع الطائرات بالتنفيذ المبدئى.. وهو ما يؤكد عداء الإخوان لهذا التراث المهم لعقل وفكر مصر فى زمن النهضة وإلى ما قبل احتلالهم لبلدنا».
انتهت الرسالة التى تجعلك تأسف على الأسلوب العشوائى الانتقامى فى التعامل مع تاريخ مصر، سواء الفنى أو العلمى أو السياسى. واتصلت بى مذيعة كانت تشغل منصباً مهماً فى التليفزيون قائلة إنها عندما كانت تشغل المنصب حاولت قناة قطرية وليدة، كانت تتشكل آنذاك، شراء تراث التليفزيون المصرى بأى ثمن، والمشكلة أنها لم يسمح لها آنذاك أن تطلع على العقد، ومات المشروع حينها، لكن حتى هذه اللحظة ما زال تراث التليفزيون المصرى مطمعاً لقطر والخليج، من الممكن جداً أن نفاجَأ بعقود تسمح باحتكار تراث التليفزيون المصرى كما حدث مع أفلام الأبيض والأسود والنيجاتيف الذى وضع فى ثلاجات شيوخ الخليج، سيأتى اليوم الذى نطلب فيه خطاباً لعبدالناصر أو حواراً لطه حسين والعقاد وفكرى أباظة وسعاد حسنى وفريد شوقى وزكى نجيب محمود ونجيب محفوظ من تليفزيون قطر، ومن الممكن جداً أن يرفض تليفزيون قطر وقتها أن يعطينا «كوبى» من الشريط أو يفرض علينا عدم إذاعته؛ لأننا لم نستأذن من الشيوخ القطريين أو تُحذف منه أشياء ليست على هوى هؤلاء القطريين... إلخ.
نحن مقبلون على قحط ثقافى وجدب إبداعى، والقحط الاقتصادى من الممكن تعويضه وإصلاحه، أما القحط الثقافى فلا يمكن تعويضه.